محمد شركي : ( أستاذ ومفتش مادة اللغة العربية سابقا )
حصص دعم في مكونات مادة اللغة العربية لفائدة تلاميذ الشعب العلمية والتقنية في السنة الأولى من سلك اكلوريا المقبلين على الامتحان الجهوي
الحلقة الأولى : ( تعاريف مفاهيمية خاصة بمكون الدرس القرائي )
محمد شركي : ( أستاذ ومفتش مادة اللغة العربية سابقا )
يتضمن مكون الدرس القرائي في مادة اللغة العربية بمستوى السنة الأولى من سلك الباكلوريا في الشعب العلمية والتقنية مجموعة من المفاهيم تتطلب الإيضاح ،وهي الآتي :
1 ـ مفهوم الحداثة :
ينظر إلى الحداثة على أنها حركة فكرية، وفلسفية، وفنية نشأت في أوروبا و في عموم بلاد الغرب خلال القرن 19، وأوائل القرن 20 . ومن عوامل نشأتها تطور المجتمعات الصناعية الحديثة بسبب النمو السريع للمدن الكبرى ، إلى جانب ردود الأفعال على التداعيات السلبية التي نتجت عن الحرب العالمية الأولى.
والحداثة ترفض قطعيَّة التفكير التنويري ، كما أنها ترفض المعتقدات الدينية .
ومجالاتها عبارة عن أنشطة وابتكارات الحداثيين في الفكر، والأدب، والعلوم ، والفن، والفسفة، والنظم الاجتماعية، والحياة اليومية المناسبة والمسايرة للعالم الصناعي الحديث ،عملا بشعار » جدّده » الذي أطلقه الشاعرالأمريكي (عزرا باوند 1885 / 1972 )
ومن سمات الحداثة : (ـ الوعي الذاتي / ـ السخرية من التقاليد الاجتماعية والأدبية).
أما تعريفها : فهي اتجاه فكري تقدمي يؤمن بقدرة البشر على الإبداع في بيئاتهم وتطويرها ، وإعادة صياغتها باعتماد المعرفة العلمية والتكنولوجية . وهي تشجع على إعادة النظر في جميع جوانب الوجود ، وتسعى إلى تحقيق الجديد الذي يواجه كل ما يعيق التطور والتقدم . ويعتبر البعض أن الحداثة عبارة عن تأمل جمالي .
ومن تعاريف الحداثة تعريف ( روجر غريفين، وهو مؤرخ بريطاني ولد سنة 1948 ) والذي يعتبرها مبادرة ثقافية، واجتماعية، وسياسية واسعة تدعمها أخلاقيات زمن جديد متجاوز لزمن مضى، وهي تنشد تحقيق عالم معاصر .
ويعتبر البعض أن الحداثة عبارة عن ثورة ضد سلبيات الثورة الصناعية ، وضد القيم البورجوازية ، وهي كسر لصيغها التقليدية ، وطموح لتحسين أوضاع الطبقة العاملة في ظل النمو السريع للمدن الصناعية .
والحداثة ترفض كل الأديان ، وتنتصر للإلحاد ، وتدعو إلى أنظمة حكم علمانية لا تسمح بتدخل الدين في أمور الحياة العامة .
2 ـ مفهوم التواصل :
التواصل هو عملية تبادل الأفكار، والآراء، والمعلومات، والقناعات، والمشاعر عبر وسائط متنوعة لفظية أو غير لفظية ( كلام / كتابة / أصوات / صور / ألوان / حركات / إيماءات / رموز لها دلالات … )
وعناصر التواصل هي 🙁 المرسل / المستقبل / الرسالة / القناة / الاستجابة )
وللتواصل وظائف تختلف من مجتمع إلى آخر وفق علاقات معقدة مرتبطة بالتطور التكنولوجي، والمعرفي ،والفكري وهي كما يلي :
أ ـ الوظيفة الإعلامية :
وهي جوهر وظائف التواصل، لأنها تحمل رسائل واضحة من طرف المرسل إلى المستقبل وفق منظورات متفق عليها ، ويكون الهدف منها هو إشراك المستقبل في صنع الحدث أو القرار سياسيا أو اجتماعيا أو فكريا …
ب ـ الوظيفة التعبيرية :
وهي خاصة بالنخبة أو الطليعة في المجتمع، لأنها تقدم خطابا تجريديا بأدوات فكرية عالية تعتبر اللغة واحدة منها ، ولكنها ليست اللغة المفهومة عند عامة الناس، لأنها خاصة بالمبدعين من أدباء ،وشعراء ،وفنانين في مختلف الفنون من مسرح، ورسم … وهي تعبير عما يختلج في نفوسهم .
ج ـ الوظيفة الإقناعية :
وتهدف إلى تقديم خطابا عقلانيا منطقيا ،يحاجج الجماهير بأدلة وبراهين واضحة ،تهدف إلى إقناعهم بفكرة أو بفلسفة أو بموقف يتضمنه الخطاب المُرْسَل من طرف الجهة المُرسِلة . وغالبا ما يكون مثل هذا الخطاب متعلق بالقضايا السياسية، ومنها الحملات الدعائية للانتخابات .
أهداف التواصل هي : ( ـ تقديم معلومات / ـ حل مشكلات / ـ تعليم وتثقيف / ـ فهم وإدراك / ـ توجيه، وإرشاد، ونصح / ـ تعديل سلوكات أو قناعات / ـ اتخاذ قرارات / ـ بحث واستقصاء / ـ تشخيص، وتقويم ، وعلاج / ـ تعبير عن أفكار أو مشاعر أو مواقف / ـ التأثير / ـ تسويق قيم معينة … )
أجهزة التواصل : هي أجهزة الإرسال ( لسان / حنجرة / يدان، وباقي أعضاء الجسد )، وأجهزة الاستقبال وهي: ( الحواس الخمس )
أما وسائل التواصل فهي : ( ألفاظ / حركات / إشارات / إيماءات / رموز ذات دلالات / عناصر البيئة / العقل / العاطفة … )
3 ـ مفهوم الإبداع :
هو التميّز في العمل أو الإنجاز بصورة تمثل قيمة مضافة لما هو موجود، وتكون مفيدة ، وهو أيضا القدرة على التنسيق والربط بين ما يبدو غير مترابط .
والمبدع له صفات تميّزه عن غيره لأنه صاحب مبادرات .
والإبداع إما أن يكون جديدا أو يكون قديما لكنه يقدم بصورة جديدة أو غير مسبوقة وغير مألوفة ، وهو بذلك طاقة عقلية هائلة تعمل على حل المشكلات .
مكونات الإبداع :
أربعة وهي : ( ـ الشخص المبدع / ـ العمل الإبداعي / ـ العملية الإبداعية / ـ الموقف الإبداعي ) .
العقل والإبداع :
يعتبر العقل مركز الإبداع ، فهو يتلقى المواد الخام من خلال قنوات الاتصال بالعالم الخارجي عبر الحواس الخمس ، فيحللها ، ويفرزها ثم يوزعها على خلايا الدماغ التخزينية ، وهو في ذلك بمثابة مبدع الابتكار، ومنسق العمليات الإبداعية
مراحل الإبداع ، وهي خمس :
( ـ مرحلة الإعداد / ـ مرحلة جمع المعلومات / ـ مرحلة الكمون / ـ مرحلة الإشراق / ـ مرحلة التنفيذ أو التحقق ) .
القدرات المكون للتفكير الإبداعي ، وهي ست :
أ ـ الطلاقة : وهي القدرة على إنتاج أكبر قدر من الأفكار الإبداعية ، وهي خمسة أنواع : ( ـ طلاقة تصويرية / ـ طلاقة الكلمات والرموز / طلاقة الأفكار والمعاني / ـ طلاقة التعبير / ـ طلاقة التداعي ) .
ب ـ المرونة : وهي القدرة على تغيير الحالة الذهنية بتغيرالمواقف ، وهي نوعان : ( ـ مرونة تلقائية وهي سرعة الفرد على إصدار أكبر عدد من الأفكار المتنوعة، والمرتبطة بمشكلة أو بموقف مثير / ـ ومرونة تكييفية ، وهي قدرة الفرد على تغيير الوجهة الذهنية في معالجة المشكلة أو مراجعتها كي تتكيف مع الأوضاع ).
ج ـ الأصالة : وهي إنتاج غير المألوف أو غير المسبوق ، ويكون متميّزا .
د ـ الحساسية للمشكلات : وهي القدرة على إدراك مواطن الضعف أو النقص في الموقف المثير ، والمبدع بطبعه لديه حساسية متميزة للمشاكل أو المواقف .
ه ـ إدراك واستيعاب التفاصيل : وهو القدرة على تقديم تفاصيل متعددة لأشياء تكون محدودة أو القدرة على توسيع فكرة معينة ومحدودة أو تفصيل موضوع غامض .
و ـ المحافظة على الاتجاه : وهي القدرة على الاستمرار في التفكير في المشاكل لفترة طويلة ومستمرة إلى غاية الوصول إلى حلول جديدة مبتكرة ، وتكون المواصلة إما ذهنية ، أو منطقية ، أو خيالية .
سيكولوجية الإبداع : يرى سيغموند فرويد وهو طبيب مؤسس لعلم التحليل النفسي ، وهو يهودي الأصل ، ويحمل الجنسية النمساوية 1856 / 1939 أن مجموعة من العمليات النفسية يكون منشؤها الإبداع ، ومنها صراعات العقل الباطن وعلاقته مع الأنا ، والتخيّل ، وأحلام اليقظة ، والقمع النفسي ، ولعب الأطفال …
أما التحليل النفسي الحديث، فيركز على ما قبل الإبداع ، ويعتبر أن للحدس الذي منطلقه اللاشعور ، وهو غير خاضع للتفكير المنطقي دروا مهما في الإبداع.
ويعتمد الإبداع في الفنون على العقل الباطن .
والمبدعون نوعان : ( أ ـ مناطق ، ويمثلون لهم بالعالم الفيزيائي أينشتاين / ب ـ حدسيون ويمثلون لهم بالعالمين نيوتن ، وباستور ) .
4 ـ مفهوم التضامن :
وهو الاندماج في مجتمع معين أو بين مجموعة من الأفراد لهم روابط واصلة بينهم ، ويوصف بأنه عبارة عن علاقة تشاركية أو اشتراكية ، وهو مفهوم يستخدم في مجال علم الاجتماع .
والتضامن تختلف أساسياته من مجتمع إلى آخر ، ففي المجتمعات البسيطة يقوم على أساس علاقة القرابة أو على أساس قيم مشتركة بين مجموعة أفراد ، بينما في المجتمعات المعقدة والمتطورة يوجد العديد من النظريات الخاصة بتعريف التضامن الذي يكون بين أفرادها في حالات وقوع الحروب أو الكوارث الطبيعية أو الأوبئة أو المجاعات … إلخ ، ويهدف إلى تذويب الفوارق بينهم .
ويستعمل ابن خلدون، وهو فيلسوف وعالم اجتماع عربي مغاربي مولود في تونس عاش ما بين 1332 و 1406 ميلادية مصطلح » عصبية » الدال على مفهوم التضامن ، والعصبية عبارة عن شعور قبلي أو عشائري ، وهو ما يقابل اليوم القومية أو الوطنية . والعصبية عنده هي اللبنة الأساسية للمجتمع الإنساني ، وهي القوة الدافعة لعجلة التاريخ .
وبعضهم يقارن بين نظرية ابن خلدون الذي يعتبر رائد علم الاجتماع ، وبين نظرية ( إميل دوركايم، وهو فيلسوف وعالم اجتماع فرنسي عاش ما بين 1858 و 1917 ومؤسس علم الاجتماع الحديث . والتضامن عنده مرتبط بنوعية المجتمعات ، وهو نوعان :
أ ـ تضامن ميكانيكي : ويكون في المجتمعات التقليدية البسيطة ، وهو يقوم على أساس روابط القرابة ، والعلاقات العائلية .
ب ـ تضامن عضوي : يكون بين أفراد المجتمعات الصناعية الحديثة الذين تتنوع تخصصاتهم وتتكامل فيما بينها بحيث يتبادلون المصالح فيما بينهم فيقدم بعضهم ثمرة أعمالهم لغيرهم كما يقدم الفلاحون على سبيل المثل الغذاء للصناع الذين بدورهم يزودونهم بالآلات الفرحية العصرية .
5 ـ مفهوم التسامح :
يستعمل في سياقات اجتماعية وثقافية ودينية ، وهو من الناحية العملية أو الإجرائية عبارة عن ممارسات وأفعال تمنع أو تحول دون التمييز العرقي أو العنصري أو الديني . ويعتبر التسامح نقيض التعصُّب الذي يكرس ممارسات وأفعال التمييز العرقي والديني .
والغالب أن استعمال مفهوم التسامح يكون في المجال الديني العقدي عندما تكون في المجتمعات أقليات دينية تتعايش مع أكثريات دينية . ولقد شاع استعمال مفهوم التضامن عقب الإصلاح الديني البروتستاني في أوروبا ، وانتقل استعماله إلى المجال السياسي .
ويعتبر التسامح مفهوما مثيرا للجدل ، لأنه لا يعمل على الارتقاء بمستوى المبادىء والأخلاق على غرار مفاهيم أخرى كمفهوم الاحترام ، ومفهوم المحبة ، ومفهوم المعاملة بالمثل …
و يرى البعض أنه لا يجب اعتبار التسامح شذوذا أو انحرافا عن المعايير السائدة في المجتمع يعاقب عليه . وهناك مجتمعات تتسامح مع الأقليات العرقية أو الدنية ، بينما مجتمعات أخرى لا تتسامح معهم بسبب القيم أو المعايير السائدة فيها والرافضة للتنوع العرقي أو الديني .
أنواع التسامح ، وهي أربعة :
أ ـ تسامح ديني : ومظاهره التعايش بين مختلف الأديان ، مع ضمان حرية الاعتقاد ، وحرية ممارسة الشعائر والطقوس ، ومع تجنب كل أنواع التعصب.
ب ـ تسامح فكري : ومظاهره عدم التعصب للأفكار و الآراء والقناعات مع احترام أفكار وآراء أو قناعات الغير، والتأدب في الحوار والتخاطب معه .
ج ـ تسامح سياسي : ومظاهره اعتماد مبدأ الديمقراطية ، واحترام حرية التعبير عن القناعات السياسية والحزبية .
د ـ تسامح عرقي : ومظاهره قبول الآخر دون اعتبار للونه أو عرقه ، ونبذ كل أشكال التمييز العنصري .
ومن دلالات مفهوم التسامح الحديثة أنه يشمل الاشتراك في الهوية الوطنية والقومية بحيث تتساوى الحقوق والواجبات بين مختلف أفراد الوطن الواحد بالرغم من اختلاف أعراقهم ومعتقداتهم .
6 ـ مفهوم الجمال :
هو عبارة عن قيمة مرتبطة بالغريزة والعاطفة . ولا توجد وحدة قياس يقاس بها الجمال نظرا لاختلاف الأفراد في تعريفه أو إدراكه، وهو كغيره من المفاهيم غير القابلة للقياس مثل السعادة ، والمحبة …
والجمال عبارة عن تفسير الأشياء من حيث انسجامها مع الطبيعة ، ويكون ذلك عن طريق الانجذاب العاطفي ، والشعور بالارتياح في عمق الوعي الحسي .
والنظريات الحديثة ترجع مقاييس الجمال إلى أعمال الإغريق الفلسفية قبل فترة الفيلسوف اليوناني سقراط 470 / 399 قبل الميلاد ، وتربطه بعلم الرياضيات .
والجمال نوعان :
أ ـ جمال مادي : وهو حسي يدرك بالحواس ، وهو نسبي ،لأن ما يعتبر أو يراه البعض جميلا ، لا يكون كذلك عند آخرين .
ب ـ جمال معنوي : وهو أعمق وأشمل من الجمال المادي، لأنه يحمل معان سامية مثل القيم والأخلاق ، وله ديمومة واستمرارية ، كما أنه مطلق ، ولكن رؤيته من منظورات مختلفة قد يدخله في دائرة النسبي .